نسْمَة ..


وقفَتْ ..
لَمّت ذراعيها على صدرها بحزمْ
ثم مشتْ بتُؤَدَةْ
تنظرُ أمامها
بابتسامةٍ باهتةٍ تتصنعُ الرضا ..
وهيَ تُغادرُ
لفضاء القلب الأرحبْ
جلاءً
من جوّ العقلِ المشحونْ ..



- حُرّرت في السابعِ والعشرين من مايو 2013

أحاديثُ نفسْ ..


(1)

يالهُ من هدوء !
ذلكَ الذي يكسو أيامي
وساعاتي ودقائقي
ولحظاتي ..
وذلكَ الذي يحيطُ بي
عندما أستعيدُ
شريطَ ذكرياتي
في ماقد رحلَ
من سنينِ عمري

(2)

هدوءٌ يجعلني أظنُّ
أني أوقفتُ الزمنَ لوهلةٍ
وعدتُ به إلى الوراء
وعندَ كلّ ذكرى
أتوقفُ قليلاً
أحاولُ تبيُّنَ المكانِ
والزمانِ
والوجوهْ ..
ثمّ لا يعدو أن تكونَ
ظنوني
مُجرّدَ أوهامٍ صامتة
اختلقها ذلكَ الهدوء !

(3)

لا أدري لماذا صرتُ
أظُنّ أن لهذا الهدوءِ
يدٌ في كثرة تفكيري
هل تراهُ ملَّ من
صمتِي؟
فاتخذ من صخبِ أفكاري
متنفساً له ؟
أرجو أن يكون ما أظنّهُ
مجردَ أوهامٍ أيضاً ..

(4)

لكنْ
أصبحَ للماضي وحكاياتِه
طعمٌ آخر
ورائحةٌ أخرى
تحتَ خيمةِ هذا
الهدوء ..



- حُرّرت في وقتٍ انقطعتُ عن الكتابةِ فيه..

تقولُ:


أرحلْ، فما للجَوى بأسٌ كي يمتنعْ
أرحلْ، فالروحُ في ودادك لا تصطنع
أرحلْ ينادي بها عقلي لائماً
فقلبي غَوى في هواكَ، لن يقتنعْ



- حُرّرَت بتاريخ 30 يناير 2014 فجراً.

تقولُ:


بيني وبينُكَ أصحرٌ وهضابُ ..
والعاتياتُ من الرياح ، هي والسرابُ
.
لكأنما يتعاضدون، يتآزرون خِفيةً
حتى لَيشقُّ على المسيرِ ربابُ



- حُرّرت بتاريخ 26 يناير 2014.

وحْدي..



لوحدي ، أقطن هنا
برغم العدد الهائل من القاطنين غيري
فأنا وحدي ..
أتردد على مساكن بعضهم خِفيةً
وأتجول وأُبصر ما عمّرَه بعضهم الذي لم آلفُه ..
وأعيش معهم بعضٌ من لحظاتهم
إما يجعلوني أفرح
أو أبكي
أو أتألم
أو أندهش
أو أستمتع
كما لو أني رحالةٌ يجوب الأرض
لا مُستقر ولا دار يعودُ إليها
فالأرضُ كلها داره
والأرض كلها مُسَتقره..
وحياتهُ هي أجزاءٌ من ألوفِ حياواتٍ
عاش معها تجاربَ ومغامرات طولَ
تجوابهِ في الأرض..


- حُرّرت في يومِ ما من سبتمبر 2013.

وقتما كان فجراً..



في لحظاتٍ معينة ، تجولُ بفكرك بعضٌ من أحجيات
ترابطت ببطءٍ خفي من عدة أحداث
لمْ تلقِ بالاً لما كانت تخبر به بصوتٍ مسموعٍ يومها
ربما لم يعيها ذهنك الغِر وقتها
تترابط تلك الأحجيات في لحظةِ تجلٍ
في وقتِ غسق ، بينما كنت تراقبه بهدوءٍ وهو ينقشع
فيداهمك إحساسٌ غريب يدعم غرابة اللحظة
ليحين وقتها
أن تتجلى تلك الحقيقة الصغيرة
التي تمخضت
من ترابط تلك الأحجيات ..



- حُرّرت في الثاني والعشرين من مايو 2013.

مسرحيهْ..



يا سيدي ، قد أسدل الراوي الستارة …. وانتهت المسرحيهْ
كُلٌ مشى ، يحثْ على مسراه الخطى …. في ليلهْ سرمديهْ
وبقيت وحدك سيدي .. ساكناً … تُحملق ذاهلاً …. لم تعجبك المسرحيهْ ؟


- سيدي سنقفل أبواب المسرح ..
  انتهت مسرحيات هذا اليوم ..
  غداً سنعرض المسرحية الأخيرة مرة ثانـ …
  سيدي؟
  أنتَ بخير؟


- تقول سيعرض الجزء الثاني غداً؟
- لا ليس لها أجزاء ! سنعرضها غداً مرة ثانية !
- أتقول الحقيقة ؟
- بالتأكيـ ..

- كيف تكون نهايتها هكذا! مبتورة!
  كيف أكتب مسرحيةً بهذا السوء!!
  كيف قبلوا بعمل بهذه الرداءة
  يجب أن أعيد عرضها بنهاية أفضل !


- عذراً سيدي
  فات الآوان
  المسرحية حازت على إعجاب شريحة كبيرة من المشاهدين
  لا يمكن أن نخيب مشاهدينا !

- لا .. كيف تـ ….
- لو …………
- إذا ….. ! سوف …
- انتهى!
لن أسمح لهذه المسرحية أن تعرض مرةً أخرى أبداً !


وانتهت المسرحيهْ


- حُرّرت في السابعِ من ديسمبر 2012

الأعمى البصيرْ..



كان هناك رجلين هرمين يتشاركان غرفة في أحد المستشفيات، وكان كلاهما مصابٌ بمرضٍ عضال عصيٍ على الشفاء.
و بالرغم من أنهما في غرفة واحدة لا يفصلهما عن بعض سوى ستارة رقيقة ، لم يكن أيٌ منهما قادراً على رؤية الآخر ، والمرض هو من أجبرهما على ذلك ، فكلاهما مستلقٍ على سريره لا تفارقُ عيناهما سقف الغرفة. إلا أن الحظ كان حليفَ أحدهما فقد كان سريره مجاوراً للنافذة المطلةٍ على العالم الخارجي الذي كانا فيه يوماً ما.
وفي العصر من كل يوم كان الرجل المحظوظ يسردُ لصاحبه خلف الستارة بأسلوبٍ شيق مايراه وراء تلك النافذة، فيتلاشى بذلك ثقل المرض الملقى على كاهليهما. وفي مرةٍ كان الوقت فيها صباحاً، دخلت الممرضة المشرفة عليهما لتقوم بعملها المعتاد ( حيث توقظهما وتلبي لهما حاجتيهما من الإفطار ونحوه من تلك الأمور ). ففوجئت بالمريض الذي يحمل رقم (705 – الرجل المحظوظ) ميتاً في فراشه، فأسرعت تطلب المساعدة محدثة بذلك جلبةً استيقظ معها المريض الآخر في الغرفة.

اغتمّ ذلك المريض لموت صاحبه الذي ولّت برحيله الأيام الجميلة التي قضاها برفقته إلى غير رجعة، فقد أصبح في ليلةٍ وضحاها رجلاً وحيداً هرماً ومهموماً. و في مرة كان يؤانس هواجسه، خطر له أن ينقل سريره بجوار النافذة -حيث كان صاحبه- ليتسنى له رؤية تلك الأشياء الرائعة التي حدثه بها، فاستدعى ممرضته وطلب إليها أن تنقل سريره جوار النافذة. انصاعت لطلبه. وحالما أصبح أمام النافذة تحامل على نفسه ليتمكن من الرؤية، فأخذته الدهشة كل مأخذ، فما رآه لم يكن سوى جدرانٍ لساحة المستشفى الداخلية لا تنطق بأي معنىً للحياة. لم تستطع الممرضة إخفاء فضولها، فسألته عن السبب الذي جعله يطلب بنقل سريره إلى مكانٍ لايقل كآبةً عن مكانه السابق، فباح لها بمكنونات نفسه، ولم يزدها ذلك إلا حيرةً واستغراباً فقالت له:

لكن ذلك المريض المتوفى الذي تحدثني عنه أعمى!

كان ذلك الرفيق يحاول جاهداً إسعاد صديقه الوحيد برواية تلك الأحاديث الكاذبة التي يوهم صاحبه بأنه يراها عبر النافذة، حتى لايمل فيتسلل اليأس من الحياة إلى قلبه، فيكون بذلك مات ميتتين وليست واحدة ..




- هذه القصة  سمعتها في برنامجِ تلفزيونيْ يُعنى بمواهبِ الأطفال، وقصّ أحدهُم قصةً أعجبتني فعدتُ كتابتها بأسلوبي. وهيَ أول مكتوبٌ لي أنشره في هذا الفضاء الرقمي حيثُ كنتُ حينها في السنة الثانية من مرحلة الثانوية.

وطني! ما بين كلمةِ "وطنْ" وياءِ المتكلمْ



يُقالُ أنّ لِكلّ إنْسانٍ وَطنْ ، يسْتَوطِنُهُ ، و يَنتمَيْ لَه ، ويَلُوذُ إلَيْه ، و يَعيشُ بِهْ .

و يَدْفعُ عَنهُ هُوَ الأذَى و مَكَائِدَ الأعْدَاء ، يَتْعبُ و يَكِدّ لِيَنْهضَ بِهِ لِلْأَفْضَل
و يَنقُلَ حُبّهُ و انْتماءَهُ لِلأجْيَالِ التّالِيَةْ ، لِيُكْمِلوا هُمْ المَسيْرَةَ بِدَورِهِمْ .
وَ بِدِوْرِهِ -ذَلِكَ الإنْسِانْ- يَحِقُّ لَهُ أنْ يَرْبِطَ ذَلِكَ الوَطنَ بِهْ ،
بِقَوْلِهِ: “وَطَنِيْ" !

يَنْتَهِي بِيْ التَفْكِيرُ فِيْ بَعْضِ الأحْيَانْ إلِى طَرِيْقٍ مَسْدُودْ ، حِيْنمَا أفَكّرُ بِالرَابِطِ الذِي يَصِلُنِي بِالوَطَنِ الذِي أعِيشُ فِيْه !
و أتَسَاءَلُ إذِا كَانَتِ العَلاقَةُ بَيْنَنَا تَسْمَحُ بَأنْ أضِيْفَهُ إلَيّ بِـ يَائِي المُتَكَلّمَة !
و أجِيْبُ عَلَى تَسَاؤلِيْ بِتَسَاؤلٍ آخَرْ ، مَا الّذِي يَدْفَعُنِي لإضَافَتِهِ ؟
هَلْ أنْتَمِي لَه ؟ هِلْ آوَانِي هَذَا الوَطَنْ ؟ هَلْ عَالَنِي و كَفَلَنِي و أكْرَمَنِي ؟
إنْ كَانَ قَدْ فَعَلْ ، أتَسَاءَلُ بِالمُقَابِلْ ، هَلْ رَدَدْتُ لَهُ جَمِيلَهْ ؟ وَ هَلْ ؟ وَ هَلْ ؟ وَ هَلْ ؟

و يَغْدُو تَفْكِيرِي صِرَاعَاً بَيْنَ ذَا و ذَاكْ !
و خِلالَ ذَلِكَ كُلّهْ ، هُنَاكَ مَنِ اسْتَهْزَأ بِي و بِأفْكَارِي المُتَشَاحِنَةْ
عِنْدَمَا خَرَجَ وَ عَاثَ فِي الأرْضِ فَسَادَاً ، وَ هُوَ يَحْمِلُ عَلَمَ الوَطَن وَ يُرَدّدْ :

" إنّهُ يَوْمُ وَطَنِيْ ” !!





-هذه الخاطرة كتبتها في 30 \ 10 \ 1432 هـ ، بعد مضي زمنٍ ليس بالقصيرعلى آخر مرةٍ كتبت.